لم يكن في حياته الماضية يألف الهدوء والطمأنينة، كان صاخباً، متوتراً منفعلاً، لا يمل من الصخب والضجيج.. كان العنفوان يصطحب بداخله بشراسة وحدّة.
الذي حدث؟ هو الآن هادئ ناعم، مطمئن، انطفأت روحه الصاخبة وبقيت له عينان حالمتان، ووجه ساكن مستلب، كأنه في عالم مستقل عن عالم الآخرين، هو في دنيا أخرى هناك.. بينه وبين الحياة حواجز شفافة لا يراها الآخرون ولكنه هو أدركه فعزلته في عالمه السابق ودنياه الماضية. يقف بطمأنينة ومسالمة مع الأشياء كأنه تعب من الدنيا فلم يعد يكثرت لشيء. كأنه أدرك أنه مخدوع، وربما أبله حينما كان يصخب للأشياء وينفعل بها. الآن هو يضحك من الناس ومن ماضيه كأنه يتساءل أين كنت..؟ أين كان عقلي..؟
لم يعد يهمه شيء إلا هذه الوقفة المتأملة، الراضية، الساكنة، المغتبطة.
كأنه يقتات الهدوء ويعيش بفيض الطمأنينة والرضا. على وجهه ظلال من نور عميق وفي نظراته انخطاف محبور مبهور برضا مفاجئ لا تفسير له ولا تعليل!!
كيف تتغير الأشياء بهذا الحسم وبهذه السرعة؟ ما السر؟ هل هناك قوة خارقة في ذواتنا لا نتنبه إليها إلا قليلاً.. ويحرم الكثيرون منها طوال حياتهم لأنهم لم يكشفوها أو لم يحاولوا اكتشافها.. وهذه القوة كفيلة بتغيير تلك الأشياء التي نظن أنها من الثوابت الراسخة التي لا يمكن أن تتحول، أو تتبدل، أو تتغير فإذا وقعنا على هذا السرّ أو هذا الزر السحري استطعنا تغيير الأشياء بسهولة ويسر كما نغير قنوات «التلفاز»؟!
الإنسان عادة لا يقف أبداً أمام ذاته لأنه مبهور ومنفعل بالسطح الخارجي الصاخب بإيقاع الحياة، لا يكلف نفسه رفع الحجاب عن نفسه ليرى أسرار نفسه ويتعامل معها كما يحب.. أو كما يستحسن.
هكذا إذن!! هو اكتشف السر أو مفتاح الأسرار في داخله فانكشفت الأشياء أمامه وتجلت له. عرف الحق من الباطل، والخطأ من الصواب. أدرك ما لم يدركه المحيطون به فغبط نفسه على نعمة الاكتشاف!!
تلفت في داخله - دون التعصب للأشياء - فلم يعد شيء يستفزه أو يغويه أو يبدل مواقفه. صار هو موقفاً بحد ذاته. الأشياء من حوله تتصارع وتتعارك وهو ينظر إليها في استخفاف. صار أكبر من التعصب ومن الثورة، ومن الانفعال، ومن الغضب أو الحقد. حتى الذين يخالفونه أو يخطئون بحقه وجد أنه قادر على التسامح معهم، بل والتغاضي عما يفعلون كأنه اكتشف منجم الحكمة في داخله دفعة واحدة!! أو كأن الله خلق له - فجأة - عيناً أخرى ترى الأشياء بمقاييس وألوان وأبعاد غير التي كان يراها. صار أكثر انشغالاً بداخله.
راح يفكر بعمق في عالمه الداخلي الباطني.. اكتشف أن الخارج زيف وبهرج، وأن الداخل حق وجوهر. الداخل أكثر عمقاً وأهم شأناً. وجد أن الناس يهربون من الداخل إلى الظاهر الواضح البائن بسبب عجزهم عن الغوص في الأعماق. فانشغلوا أو شغلوا أنفسهم ببهرجة الظاهر وجلبته. وهربوا من اكتشاف أو ربما من التعامل مع دواخلهم لأنها أكثر تشابكاً وتعقيداً وتحتاج إلى هدوء واستغراق.. إلى صبر ومكافحة، وصدق وشجاعة،. هبط بكل جوارحه إلى داخله. صار يتعايش مع عوالمه الداخلية. يحاور، ويسأل، ويستدل، ويستهدي، ويسترشد.. وجد أنها أكثر أسراراً من أعماق المحيطات.. ولكنه وجد أن اكتشاف داخله أنفع ألف مرة من اكتشاف العالم من حوله.
إنها حالة من حالات الإبصار إلى الداخل (وفي أنفسكم أفلا تبصرون). ورغم أن النفس أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد إلا أن الرحيل إليها في بعض الأحيان أصعب من الرحيل إلى نجم يبتعد آلاف السنين الضوئية!! فمن منا يمتلك القدرة على السفر والإبحار في داخله؟!
كأنه يقتات الهدوء ويعيش بفيض الطمأنينة والرضا. على وجهه ظلال من نور عميق وفي نظراته انخطاف محبور مبهور برضا مفاجئ لا تفسير له ولا تعليل!!
كيف تتغير الأشياء بهذا الحسم وبهذه السرعة؟ ما السر؟ هل هناك قوة خارقة في ذواتنا لا نتنبه إليها إلا قليلاً.. ويحرم الكثيرون منها طوال حياتهم لأنهم لم يكشفوها أو لم يحاولوا اكتشافها.. وهذه القوة كفيلة بتغيير تلك الأشياء التي نظن أنها من الثوابت الراسخة التي لا يمكن أن تتحول، أو تتبدل، أو تتغير فإذا وقعنا على هذا السرّ أو هذا الزر السحري استطعنا تغيير الأشياء بسهولة ويسر كما نغير قنوات «التلفاز»؟!
الإنسان عادة لا يقف أبداً أمام ذاته لأنه مبهور ومنفعل بالسطح الخارجي الصاخب بإيقاع الحياة، لا يكلف نفسه رفع الحجاب عن نفسه ليرى أسرار نفسه ويتعامل معها كما يحب.. أو كما يستحسن.
هكذا إذن!! هو اكتشف السر أو مفتاح الأسرار في داخله فانكشفت الأشياء أمامه وتجلت له. عرف الحق من الباطل، والخطأ من الصواب. أدرك ما لم يدركه المحيطون به فغبط نفسه على نعمة الاكتشاف!!
تلفت في داخله - دون التعصب للأشياء - فلم يعد شيء يستفزه أو يغويه أو يبدل مواقفه. صار هو موقفاً بحد ذاته. الأشياء من حوله تتصارع وتتعارك وهو ينظر إليها في استخفاف. صار أكبر من التعصب ومن الثورة، ومن الانفعال، ومن الغضب أو الحقد. حتى الذين يخالفونه أو يخطئون بحقه وجد أنه قادر على التسامح معهم، بل والتغاضي عما يفعلون كأنه اكتشف منجم الحكمة في داخله دفعة واحدة!! أو كأن الله خلق له - فجأة - عيناً أخرى ترى الأشياء بمقاييس وألوان وأبعاد غير التي كان يراها. صار أكثر انشغالاً بداخله.
راح يفكر بعمق في عالمه الداخلي الباطني.. اكتشف أن الخارج زيف وبهرج، وأن الداخل حق وجوهر. الداخل أكثر عمقاً وأهم شأناً. وجد أن الناس يهربون من الداخل إلى الظاهر الواضح البائن بسبب عجزهم عن الغوص في الأعماق. فانشغلوا أو شغلوا أنفسهم ببهرجة الظاهر وجلبته. وهربوا من اكتشاف أو ربما من التعامل مع دواخلهم لأنها أكثر تشابكاً وتعقيداً وتحتاج إلى هدوء واستغراق.. إلى صبر ومكافحة، وصدق وشجاعة،. هبط بكل جوارحه إلى داخله. صار يتعايش مع عوالمه الداخلية. يحاور، ويسأل، ويستدل، ويستهدي، ويسترشد.. وجد أنها أكثر أسراراً من أعماق المحيطات.. ولكنه وجد أن اكتشاف داخله أنفع ألف مرة من اكتشاف العالم من حوله.
إنها حالة من حالات الإبصار إلى الداخل (وفي أنفسكم أفلا تبصرون). ورغم أن النفس أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد إلا أن الرحيل إليها في بعض الأحيان أصعب من الرحيل إلى نجم يبتعد آلاف السنين الضوئية!! فمن منا يمتلك القدرة على السفر والإبحار في داخله؟!
// بقلم وهيبة سكر //
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق