31 مايو 2016

سيزف والصخـــــــــــــــــــرة // بقلم وهيبة سكر


**
وإذا كان الهبوط يتم أحيانًا بأسى، فإنه من الممكن أن يتم أيضًا بغبطة. وهذه الكلمة ليست زائدة. وأتخيل مرةً أخرى سيزيف وهو يعود إلى صخرته
هنا تكمن كلُّ السعادة الصامتة لسيزيف. فهو يمتلك مصيره. وصخرته شيء يخصُّه هو. وكذلك الأمر بالنسبة للإنسان اللامجدي،
. "ليست هناك شمس بلا ظلال وعلينا أن نتعرف إلى الليل." ويجيب الإنسان اللامجدي بنعم، ومجهوده لا يتوقف. لأنه إن كان هناك مصير شخصي، وفي هذه اللحظة الحذقة التي يعود الإنسان فيها ليستعرض حياته، يتأمل سيزيف، الذي عاد إلى صخرته، تلك السلسلة غير المترابطة من الأفعال التي أصبحت مصيره، ذلك المصير الذي خلقه بنفسه، والمترابط في نظر ذاكرته، والذي سيُختتم بموته. وهكذا، مقتنعًا بالأصول الإنسانية لكل ما هو إنساني، كالأعمى الذي يريد أن يرى وهو يعلم في الوقت نفسه أن الليل لا ينتهي، يتابع المسير دومًا. فالصخرة ما زالت تتدحرج.
لكن سيزيف يعلِّمنا الأمانة الأسمى وهو أيضًا يعتقد أن كل شيء جيد. فهذا العالم الذي أضحى بلا سيد لا يبدو له عقيمًا ولا تافهًا. لأن كل ذرَّة من هذا الحجر، كل نثرة معدنية من ذلك الجبل الذي يملأه الليل، تؤلف عالمًا بحدِّ ذاته. والنضال بحد ذاته من أجل بلوغ القمم يكفي لكي يجعل قلب الإنسان ممتلئًا. لأنه علينا أن نتخيل سيزيف سعيدًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق