19 نوفمبر 2015

كذبة اظلام الارض //وهيبة سكر

كذبات الإنترنت الخادعة (النسخة العربية)
(كُتِبَ بواسطة فريق الجمعية الفلكية للبحر الأحمر للجزيرة العربية)
(Written by the team of the Astronomical Society of the Red sea of Arabia - ASRA)
___________________________________________________________________
إذا كنت سمعت عن كذبة إظلام الأرض في نوفمبر وتحول الشمس إلى اللون الأزرق ، وصدَّقتها ، فإنك ستكون قد وقعت ضحية كذبة أخرى من كذبات الإنترنت ، بالضبط مثل كذبة المريخ الخادعة. إلا أن هذه الكذبة تفوقت عليها من ناحيتين ، الأولى إهانة ذكاء القارئ ، والثانية أن القصة بالكامل مُختَلَقَة وليست تحريفاً أو عدم فهم كما حدث في كذبة المريخ الخادعة ، والتي تم نشرها على صفحتنا في أغسطس الماضي على الرابط التالي :
كذبة المريخ الخادعة !!
إظلام الأرض في نوفمبر
أولاً نصيحة لرواد الإنترنت : أبداً أبداً لا تصدق ما يتم كتابته على الإنترنت مالم يكن مكتوباً من مصدر موثوق. هنا وفي هذه الحالة ، لو كانت الأخبار نُشرت على موقع ناسا الرسمي لكانت شيئاً يمكن تصديقه.
لقد سمعنا القصة التي تدَّعي أن الأرض ستدخل في ظلام دامس لمدة ١٥ يوم في نوفمبر بسبب أن الشمس ستتحول إلى اللون الأزرق !! بسبب تدفق كميات كبيرة من الهيدروجين على سطحها !!! بسبب إقتران كوكبي المشتري والزهرة !!!! وأن هذه المعلومات تم تأكيدها من قبل وكالة ناسا الفضائية !!!!! هذه القصة ، والتي لُفقت لوكالة ناسا الفضائية ، كانت قد تم نشرها بواسطة موقع نيوز واتش ٣٣ الإخباري السيئ السمعة.
القصة بالكامل مزورة.
المنطق العلمي ورائها يعتبر مهزلة حقيقية لا يمكن وصفها إلا بالتخريف الغير علمي وليست حتى ترقى إلى التخريف العلمي ناهيك عن الخيال العلمي الرديئ.
لقد إستخدم ناشروها التأثير النفسي لظاهرة نفسية معروفة والتي تنص على أن "الأشخاص الجهلاء غير الأكفاء (بموضوع معين) ، هم في غاية الجهل ليعلموا حقيقة أنهم جهلاء وغير أكفاء (بهذا الموضوع)"
التأثير النفسي لهذه الظاهرة تم إستخدامه وإستغلاله في الماضي من قبل في نشر أخبار كاذبة كثيرةً جداً على الإنترنت وحقق نتائج مذهلة للناشرين !!
أهمها على الإطلاق من ناحية النتائج هي أكثرها غباءً وإستهانةً بالعقل البشري ، والتي تم نشرها عام ٢٠١٢م ، وبالضبط قبل ٢١ ديسمبر ٢٠١٢م ، اليوم المزعوم ، أو الذي كان مزعوماً ، لنهاية العالم.
فلقد تم نشر تغريدة على توتير أو رسالة على الفيسبوك أو بريد إلكتروني (لا أحد يعلم بالضبط) تقول الأتي :
"إن نهاية العالم هي ليست كما تقول حضارة المايا بأنها يوم ٢٠١٢/١٢/٢١م ، بل أنها ستكون في اليوم الذي يصل فيه عدد مشاهدي أغنية جانج نام ستايل للمغني الكوري ساي على اليوتيوب إلى مليار مشاهد !!!"
المدهش والمرعب في الأمر أن عدد المشاهدين وصل إلى مليار مشاهد بالضبط يوم ٢١ ديسمبر سنة ٢٠١٢م !!
وبالتالي أصبحت أغنية جانج نام ستيل هي أول أغنية على اليوتيوب في التاريخ تصل إلى مليار مشاهد.
كذلك أصبحت هذه الأغنية هي الأكثر مشاهدةً على الإطلاق منذ تاريخ ٢٤ نوفمبر ٢٠١٢م عندما تغلبت على أغنية "بيبي" لجاستن بيبر.
منذ أن نزلت الأغنية في يوم ١٥ يوليو سنة ٢٠١٢م إلى أن وصل عدد المشاهدين إلى مليار في يوم ٢١ ديسمبر ٢٠١٢م ، أي خمسة أشهر وستة أيام ، كان عدد المشاهدين اليومي هو ٦ ونصف مليون مشاهد يومياً !!
وهل إنتهى الوضع عند ذلك ؟
بالطبع لا !! فهذا النجاح المنقطع النظير إستمر مع أن العالم لم ينتهي ، لماذا ؟ لأن باقي المشاهدين أرادوا أن يشاهدوا الأغنية التي قيل عنها أنها ستنهي العالم الذي لم ينتهي !!
كم عدد المشاهدين الأن لهذه الأغنية ؟
بقلب يملأه الأسى والدهشة في نفس الوقت نقول ٢,٤٢ مليار مشاهد على اليوتيوب
حتى الأن بفارق مليار مشاهد عن الأغنية التي في المرتبة الثانية !!
نعود إلى موضوعنا
هذه الأنواع من الأكاذيب عن إظلام الأرض أو العواصف الشمسية أو ظهور المريخ بحجم القمر البدر وغيرها ، تنتشر سنوياً عبر الإنترنت كالفيروسات. ذلك لأن هذه النوعية من الأخبار من السهل أن تَخْلُق شعوراً بالخطر والإثارة عند الناس في زمن قصير جداً ، ويستطيع الناشرون لتلك الخدع الحصول على مئات الآلاف من الزوار لمواقعهم الإلكترونية في أقل من ساعة.
ويميل معظم الناس لتصديق مثل هذه الأنواع من الكذبات الخادعة بسهولة كبيرة مما يجعل من السهل جداً للناشرين أن يصبحوا مشهورين ومحبوبين ولهم معجبين وموالين في وقت قصير جداً.
كذلك يبدأ معظم الناس بالشعور بالخوف والإثارة فور سماعهم مثل تلك الأخبار بدون حتى أن يحاولوا أن يعرفوا ما إذا كان الخبر صحيحاً أم لا. ثم يبدأوا بنشره ومشاركته مع الأصدقاء على الفور بدون قراءة !!
لقد أثبتت الدراسات النفسية والإجتماعية التي أجريت على مستخدمي الإنترنت في أكثر من ٢٠ دولة ، أن أكثر من ٩٠٪ من رواد الإنترنت لا يقرأون إلا عناوين المقالات فقط ولا يقرأون المقالات كاملةً أبداً ، وهؤلاء الغالبية أيضاً يشاهدون الصور ولا يبالون أو يقرأون حتى ما هو الشرح المكتوب أسفلها.
وتقول نفس الدراسة بأن ٩٠٪ من باقي ال ١٠٪ الذين يقرأون المقالات كاملةً ، لا يفهمون المقصود من المقال وأحيانا يفهمون عكس مايريد المقال شرحه !! وهذا ليس بسبب رداءة المقال أو جهل القارئ أبداً ، ولكن ذلك بسبب القراءة من شاشات الكومبيوتر والأجهزة اللوحية والتليفونات الذكية !! والتي تختلف تماماً عن القراءة من الكتب.
فقد قامت مجلة ساينتيفيك أميركان بعمل بحث رائع إسمه "لماذا لم ينقرض الكتاب" عن مجموعة من طلاب الجامعات الأمريكية قسَّموهم إلى قسمين. القسم الأول كان عليه أن يدرس المواد الدراسية طول السنة من الكومبيوتر أو الأجهزة اللوحية. والقسم الثاني كان عليه أن يدرس المواد الدراسية طول السنة من الكتب الدراسية العادية.
في أخر العام الدراسي تم عمل ٣ إختبارات لجميع الطلاب.
الإختبار الأول تم إختبار مجموعتي الطلاب مع بعضهم بنفس الإختبار ، فكانت النتيجة أن الذين درسوا من الكتب كانت نتائجهم أفضل بنسبة ١٠٪ من الذين درسوا من الكومبيوتر أو الأجهزه اللوحية.
الإختبار الثاني تم بعد الإختبار الأول بثلاثة أشهر ، وأيضاً تم إختبار مجموعتي الطلاب مع بعضهم بنفس الإختبار ، فكانت النتيجة أن الذين درسوا من الكتب كانت نتائجهم أفضل بنسبة ٥٠٪ من الذين درسوا من الكومبيوتر أو الأجهزه اللوحية. الإختبار الثالث تم بعد الإختبار الأول بستة أشهر ، فكانت النتيجة أن ٥٠٪ من الطلاب الذين درسوا من الكتب إستطاعوا أن ينجحوا في الإختبار ، في حين أن الذين درسوا من الكومبيوتر أو الأجهزه اللوحية لم ينجح منهم أحد. أي أن نصف الذين درسوا من الكتب إستطاعوا أن يتذكروا المادة التي درسوها حتى بعد مضي ٦ أشهر ، ولم يستطع الذين درسوا من الكومبيوتر أو الأجهزه اللوحية تذكر أي شيئ !!
في النهاية نقول ما قاله نبينا صلى الله عليه وسلم : " كفى بالمرء كذباً أن يُحَدِّث بكل ما سمع "
يجب عليك إذا وصلك خبر معين أن تتأكد أولاً هل هو صحيح أم لا. فإذا كان غير صحيح فلا تنشره. وإذا كان صحيح فيجب عليك أن تحدد هل في نشره فائدة أم لا. فإذا كان خبر صحيح ولا فائدة منه فلا تنشره. أما إذا كان الخبر صحيحاً وله فائدة فإنشره ولا حرج.
لا تنسوا المقولة التي تقول "حدث العاقل بما يليق" ، والمقولة التي تقول "لا تهن ذكائي"
ولذلك نعتذر عن نشر الخبر الأصلي المنشور في موقع نيوز واتش ٣٣ الإخباري كما فعلت معظم الصفحات العلمية الأخرى للأسف ، وذلك لأن مجرد نشره على صفحتنا سنكون قد ساهمنا في زيادة إنتشاره حتى لو كنّا ضده ونُكَذِّبه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق