إن فعل (يجري) يُستخدم في القرآن مع حركة الشمس والقمر والأرض من خلال قوله تعالى: (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) [الرعد: 2]. ونحن نعلم بأن سرعة جريان الشمس عالية جداً، فهي تجري بسرعة تبلغ ملايين الكيلومترات في السنة فناسبها كلمة (تجري)، بينما تتحرك الجبال عدة سنتمترات في السنة فناسبها كلمة (تَمُرُّّ) للتأكيد على حركة الجبال الخفيفة.
منذ ثلاثين عاماً فقط تم إثبات حركة الألواح الأرضية جميعها، وكانت سرعة تحرك هذه الألواح لا تتجاوز عدة سنتمترات في السنة. طبعاً هذه السرعة لا يمكن قياسها بشكل مباشر إنما بأساليب تعتمد التكنولوجيا الرقمية الحديثة.
والعجيب أن القرآن العظيم تحدث عن حركة هذه الألواح حركة خفيفة من خلال الآية الكريمة: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
ولكن لماذا تتحدث الآية عن الجبال بالتحديد؟ والجواب هو أن هذه الجبال هي التي تثبت ألواح الأرض، بل هي التي تقود هذه الألواح وهي الجزء البارز والأكثر ثباتاً.
إنها دقة مذهلة في اختيار الكلمة الأنسب للتعبير عن حقائق الأمور، هكذا حال كتاب الله عز وجل. بينما نجد الأبحاث العلمية تستخدم كلمة (سرعة) للجبال والشمس والمجرات وغيرها ولا تفرق بينها إلا بالأرقام، أليس هذا تفوق قرآني على العلم الحديث؟
إن مرور السحاب ناتج عن حركة الرياح التي تدفع هذه الغيوم، وحركة الرياح ناتجة عن فرق درجات الحرارة. إذن هنالك تيارات حرارية هي التي تحرك الغيوم. كذلك الأمر بالنسبة للجبال التي تتحرك بسبب حركة الألواح الناتجة عن فرق درجات الحرارة في الطبقة التي تلي القشرة الأرضية، إذن حركة الجبال ناتجة عن تيارات حرارية أيضاً.
والتشبيه القرآني لحركة الجبال بحركة الغيوم هو تشبيه دقيق من كل النواحي. ونتساءل من جديد: من أين جاء رسول الخير والرحمة عليه الصلاة والسلام بهذا العلم الدقيق الذي لم ينكشف إلا في أواخر القرن العشرين؟
ـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق