كل جسم يحاط بغلاف غير مرئي يشع على هيئة موجات كهرومغناطيسية ذات ألوان تسمى الهالة أو الأورا aura يطلق البعض عليها الهالة النورانية, مجالاُ من الطاقة يحيط الجسم البشري في شكل أطياف لونية تحيط بالجسم، وتختلف درجات ألوان تلك الهالة وكثافتها تبعاُ للشخص والمكان والحالة الصحية والنفسية والفكرية, تلك الهالة التي لاقت إهتماماً واسعاً عند رجال الدين, ونرى آثار ذلك الاهتمام من خلال تصوير القديسين على جدران الكنائس ونوافذها حيث تحيط بهم هالة قوية من النور، ومما تناقلته كتب السيرة النبوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له ظل ولم يسقط ظله على الأرض لا في تحت ضوء شمس أو قمر بفعل قوة نوره أو الهالة التي تحيط به, ودعونا نتأمل في ذلك قوله تعالى في سورة الأحزاب ” يا أيها النبي إِنَّا أرسلناك شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً “؛ سراجاً منيراً.
لقد ذكر لفظ السراج فى القرآن الكريم أربعة مرات، وهو نفس العدد الذى ذكر به النبي صلى الله عليه وسلم باسمه محمد، فقد تكرر ذكر اسم نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم على عدد لفظ السراج أربعة مرات في أيات أربع:
” وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ” ( آل عمران : 144 )
” مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ” (الأحزاب : 40 )
” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ” ( محمد : 2 )
” مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً “( الفتح: 29)
والآن دعونا نتأمل الأربعة “السراج” في آيات الله:
” يا أيها النبي إنا أرسلناك مبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ” ( الأحزاب : 45-46 )
” تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا و وقمرا منيرا ” ( الفرقان :61 )
” وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ” ( نوح : 16)
” وجعلنا سراجا وهاجا ” ( النبأ : 13 )
فهاهنا ثلاث آيات من الآيات الأربعة جاءت فى وصف الشمس الكونية بأنها سراج, وهنا آيتين وصفتا القمر بالنورانية ، فالقمر ليس وهاجاً محرقا كالشمس بل هو نور، كما وصفه الخالق سبحانه وتعالى ” قمرا منيرا “
ولكن ما نود تسليط الضوء عليه هو أن الله سبحانه وتعالى قد جعل ضوء الشمس ذاتي لها ” سراجا وهاجا “، فهي حارقة محرقة تمد غيرها بالدفء والضوء, أما القمر؛ فنوره ليس ذاتيا وإنما يستمد من الشمس نوره فيعكسه علينا بالليل نورا وسلاما وأمنا ومحبة !
” وسراجا منيرا ” إنه صلى الله عليه وسلم ما وصف بهذا الوصف إلا لأن نوره طاقة رحمة وهداية وبردا وسلاما على العالمين, فنوره ليس كنور القمر بل هو طاقة ذاتية تستمد من الخالق سبحانه وتعالى, وهذا يعنى أيضاً أن كل من يستمد علما أو معرفة أو مكرمة أخلاقية أو محاسن وفضائل ربانية إنما يستمدها منه صلى الله عليه وسلم ، فهو “السراج المنير” أي أن تلك الطاقة تنتقل من جسم لأخر وفقاً لإستعداد المتلقى لإستقبال هذا النور.
أنه صلى الله عليه وسلم فى إمداده لغيره واستمداده هالة نورانية بديعة، فمدده من ربه سبحانه وتعالى, فهو كمن وجد الكنز وهو عليه ملك حفيظ عليم، فيقسم منه على الخلائق بالعدل وبما أراه الله من الحق، فالله معطى وهو صلى الله عليه وسلم قاسم أو كما قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم ” إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ وَاللَّهُ يُعْطِي “.
ولعل فى صعوبة تصور هذه المسألة بالعقل الإنساني، ما دفع الشيخ الشعراوى إلى القول بأننا قبل أن نتعلم العلم التحليلي لم يكن النور فى عرفنا مادة, ولكن فى عصرنا هذا وفى أواخر القرن العشرين لا يصح أن نقف عند هذا التصور للمادة، لأنه بات من الممكن تحويل أى مادة أو ترددات إلى إشعاعات ضوئية.
فهذه الهالة التي تحيط بالجسم البشري ليست شيئاً خيالياً وقد أمكن تصويرها كما يصور الأطباء مرضاهم بأشعة إكس, إنها تنتشر على بعد قدم حول جسد الإنسان وتشع بالألوان المضيئة إذا كان الجسم البشري سليماً معافى, وقد تمكن العالم سيمان كيرليان عام 1939 من إختراع كاميرا خاصة لتصوير هذه الهالة ووجد أنها ذات شكل بيضاوي وألوانها متداخلة فيما بينها مثل ألوان قوس قزح, ومكونة من سبعة أجزاء ملونة كغلاف يحيط بجسم الإنسان؛ تبدأ بالجزء الأول القريب من الجسم وتنتهي بالجزء السابع على بعد قدم, ويقال أن تلك الإشعاعات الضوئية التي تغلف الجسد من جميع الاتجاهات يستطيع أن يراها الأطفال وذوي الجلاء البصري بالعين المجردة.
ووجد أن الهالة تختلف من إنسان لأخر في ألوانها وأشكالها وكثافتها المختلفة لدلالات معينة ترتبط بوظائف الأعضاء الحيوية وما يصيبها من أمراض أو إضطرابات نفسية أو فكرية أو عاطفية؛ وهذا ما أثبتته تجربة الدكتورة ثلما في الولايات المتحدة حيث تمكنت من أن تستخدم أسلوب “كيرليان” لتصوير الهالة لترى ماذا يحدث عند تقارب شخصين، فقامت بتقريب أيدي اثنين من المُحبين إلى الجهاز وشاهدت إندماج الإشعاعات الصادرة من الأيدي ببعضهما البعض، في حين أن هذه الإشعاعات وجدتها تتنافر في تجربة تصوير أيدي شخصين يكرهان بعضهما البعض.
فمن المعروف أنه لا يوجد شيء أسرع من الضوء والذي حيرت طبيعته الكثير من العلماء فالنظريات تصف الضوء بأن له طبيعة موجية “أمواج كهرومغناطيسية ذات تردد عالي” وأخرى طاقية على شكل “فوتونات”، وقد أثبت العلم الحديث أن الجسم البشري يبث طاقة من الأمواج الكهرومغناطيسية “الترددات” وأن تلك الترددات لها صفات لونية والتي إستطاعت كاميرا كيرليان تصويرها عن طريق لوح فوتوغرافي خاص.
ولا أجد تفسيراً دقيقاً لهذه الهاله كتفسير الأمام الشعراوي رحمه الله قائلاً:
” وها هو العلم يؤكد ذلك المعنى، فالنور هو البداية، ثم عملت منه الماديات “
” وها هو العلم يؤكد ذلك المعنى، فالنور هو البداية، ثم عملت منه الماديات “
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق