الزمن الواحد السرمدي ....
.......................... ...
الزمن واحد وليس أزمنة .. نحن نقسّمه، وهو يضحك منا.. يخلط عشوائياً أزمنتنا الإفتراضية . يجمعها بعضها إلى بعض .. يجعل المستقبل حاضراً، والحاضر ماضياً .. يقف وهو الواحد السرمدي ضاحكاً منا ..
أكثر الكلام مثاراً للسخرية، قول البعض إننا أبناء الحاضر !
لا أحد فينا إبن الحاضر، فالحاضر ليس سوى هنيهة، نحن أبناء الماضي، ولدنا في الماضي، فُطمنا في الماضي، ترعرعنا في الماضي، درسنا وتخرجنا في الماضي، ونحن الآن نساهم في إغناء الماضي، وليس بناء المستقبل كما يشاع.
نحن لا نعمل للمستقبل، وإنما نعمل للماضي، كل ما نفعله إنما هو رصيد للماضي، يضاف للفعل الماضي وليس للمستقبل.
كل منا هو تجسيد للماضي والحاضر والمستقبل، مهما إختلفت الرؤى، فالموضوع لا يتعلق بموقف الفرد وحده، المسألة أن من يقرر في نهاية المطاف ليس أنا أو أنت، هو أم هي ، وإنما ذاك الواحد السرمدي .
الماضي لا يعود، وما الحاجة كي يعود، وهو يعيش فينا، ونحن نتاجه. ليس الماضي وهماً ، وإنما الحاضر هو الوهم، إذ لا وجود حقيقي له، الزمن ماض، ماض فحسب، كل شيء صائر إلى ماض، أما الحاضر فكذبة. الماضي لا قدرة لنا على تغييره أو تحويله أو تبديله، والمستقبل لا وجود له، وهو في أحسن الأحوال محض إفتراض .
نكذب عندما نقول نعمل للمستقبل، أونصنع المستقبل، فنحن في حقيقة الأمر نعمل للماضي ، عملنا كله يضاف لرصيد هذا الماضي، مثلما عمل الذين سبقوقنا، ومثلما سيعمل الذين سيأتون بعدنا.
أعظم الأمم ليست هي التي سيكون لها مسقبل، فهذا أمر لا يعلمه أحد، وإنما أعظم الأمم هي من فاق إرث ماضيها إرث غيرها.
أعظم الأمم أغناها، وليست التي ستكون أغناها، أعلمها وليست التي ستكون أعلمها، أقواها وليست التي ستكون أقواها.
الأمم تتباهى ليس بما ستفعله، وإنما بما فعلته. ومهما أدعى الواهمون والحالمون، فإن القوّة التي تحمي الأمم والشعوب، هي القوة التي تم إستحداثها وإنجازها، والرفاهية التي يُفتخر بها هي الرفاهية التي عاش الناس فيها، وليست التي سيعيشونها.
سيقول البعض هذا الكلام ينفي سعي البشر لتنظيم تقدمهم عبر التخطيط ، وهذا كلام غير دقيق، فلا عمل سابقاً وحالياً ومستقبلاً وفق التقسيم الإفتراضي الثلاثي للزمن، يمكن أن يتم وبالنجاعة اللازمة من دون تخطيط، ولكن بإبدال ( نخطط) إلى ( خططنا) ، و(نعمل ) إلى (عملنا)، فالخطط لن تكون خططا، إذا ظلت ( نخطط أو سنخطط)، والعمل لن يكون عملاً إذا ظل ( نعمل أو سنعمل)، فهو لن يكون ملموسا إلا إذا تحول لصيغة الماضي ، وهو الزمن الحقيقي الوحيد من بين الأزمنة الإفتراضية .
كم كان عبقرياً ذاك الفيلسوف اليوناني الذي قال ( إنت لا تضع قدمك في النهر مرتين )، ذلك لأن ماء النهر يجري، والزمن يجري، ذاك سيّال، وهذا سيّال أيضاً.
أنا أعمل وفي لحظة تتحول أعمل إلى (عملت) ، أنا أقول وفي لحظة تتحول أقول إلى (قلت) . ليس ثمة شيء زئبقي لا يُمسك أكثر من الزمن .
نحتال على الزمن، فننتقل من اللحظة إلى الدقيقة، ومن الدقيقة، إلى الساعة، ومن الساعة إلى اليوم، ومن اليوم إلى الإسبوع، ومن الإسبوع إلى الشهر، ومن الشهر إلى السنة، ومن السنة إلى العقد، ومن العقد إلى القرن، ومن القرن إلى الألفية، وكلها مصطلحات إصطلحناها، كي نقبض على الراهن الذي هو الحاضر، لكن لحظتنا تصبح اللحظة المنصرمة، وكذا الدقيقة والساعة، واليوم يصبح الأمس أو البارحة، والسنة تصبح السنة الفارطة، والعقد العقد السالف، والقرن القرن الماضي ، والألفية الألفية المنقضية ، ودائما ، ما يفصل بين زمن وآخر، سواء كان دقيقة أم ألفية، لحظة متناهية في الصغر، لا يمكن الإمساك بها، وإن إصطلح عليها باللحظة أو الثانية، هي الحد الفاصل بين الآن غير الملموس والماضي الذي هو كل شيء.
وكل المصطلحات ستطوى.. نغيّر الأرقام ليس إلا، ويظل الزمن وحده الذي لا يتغيّر، في حين تتغيّر كل الأشياء، فوق الأرض وتحت الأرض، وفي الفضاء الخارجي، ويستمر التغيير إلى ما لانهاية .
أنا أكتب الآن .. يقولون هذا هو الحاضر، ولكن ( أنا أكتب الآن ) كتبت قبل ثوان .. أي أصبحت ماض. نحن كدودة القز نلتهم شجرة الحياة ونحولها خيوطا ثم نتشرنق داخلهاً. كأننا لا نبني ولا نشيّد سوى ماض . خيوط حرير متصلة إلى ما لا نهاية، واللاما نهاية ربما هي الزمن من دون تلك التقسيمات الإفتراضية الثلاث.
لا نحدد الماضي إلا من خلال الفعل، الماضي فعلناه، والحاضر نفعله، والمستقبل سنفعله. لا وجود لـ( نفعل)، فالشيء ينبغي أن يكون مفعول ومعمول، وما سنفعله، ليس سوى نيّة أو رغبة، يصبح زمناً عندما يُفعل ويُعمل، وحالما يتم ( أي حالما يُعمل ويُفعل) يتحول دونما فواصل إلى شيء مفعول ومعمول، أي ماض .
ليس في الماضي تسويف، أو تعهد، أو خداع، الماضي مُنجز. مُنجز شاخص، ومعروف لدى الجميع، ومُقيّم لدى الجميع سواء بالسلب أم بالإيجاب، لذا فهو وحده الفعل الحقيقي ، الجدير بالإعتبار والإحترام، وما عداه يحتمل كل شيء ، لأنه اساساً لا شيء .
..........................
الزمن واحد وليس أزمنة .. نحن نقسّمه، وهو يضحك منا.. يخلط عشوائياً أزمنتنا الإفتراضية . يجمعها بعضها إلى بعض .. يجعل المستقبل حاضراً، والحاضر ماضياً .. يقف وهو الواحد السرمدي ضاحكاً منا ..
أكثر الكلام مثاراً للسخرية، قول البعض إننا أبناء الحاضر !
لا أحد فينا إبن الحاضر، فالحاضر ليس سوى هنيهة، نحن أبناء الماضي، ولدنا في الماضي، فُطمنا في الماضي، ترعرعنا في الماضي، درسنا وتخرجنا في الماضي، ونحن الآن نساهم في إغناء الماضي، وليس بناء المستقبل كما يشاع.
نحن لا نعمل للمستقبل، وإنما نعمل للماضي، كل ما نفعله إنما هو رصيد للماضي، يضاف للفعل الماضي وليس للمستقبل.
كل منا هو تجسيد للماضي والحاضر والمستقبل، مهما إختلفت الرؤى، فالموضوع لا يتعلق بموقف الفرد وحده، المسألة أن من يقرر في نهاية المطاف ليس أنا أو أنت، هو أم هي ، وإنما ذاك الواحد السرمدي .
الماضي لا يعود، وما الحاجة كي يعود، وهو يعيش فينا، ونحن نتاجه. ليس الماضي وهماً ، وإنما الحاضر هو الوهم، إذ لا وجود حقيقي له، الزمن ماض، ماض فحسب، كل شيء صائر إلى ماض، أما الحاضر فكذبة. الماضي لا قدرة لنا على تغييره أو تحويله أو تبديله، والمستقبل لا وجود له، وهو في أحسن الأحوال محض إفتراض .
نكذب عندما نقول نعمل للمستقبل، أونصنع المستقبل، فنحن في حقيقة الأمر نعمل للماضي ، عملنا كله يضاف لرصيد هذا الماضي، مثلما عمل الذين سبقوقنا، ومثلما سيعمل الذين سيأتون بعدنا.
أعظم الأمم ليست هي التي سيكون لها مسقبل، فهذا أمر لا يعلمه أحد، وإنما أعظم الأمم هي من فاق إرث ماضيها إرث غيرها.
أعظم الأمم أغناها، وليست التي ستكون أغناها، أعلمها وليست التي ستكون أعلمها، أقواها وليست التي ستكون أقواها.
الأمم تتباهى ليس بما ستفعله، وإنما بما فعلته. ومهما أدعى الواهمون والحالمون، فإن القوّة التي تحمي الأمم والشعوب، هي القوة التي تم إستحداثها وإنجازها، والرفاهية التي يُفتخر بها هي الرفاهية التي عاش الناس فيها، وليست التي سيعيشونها.
سيقول البعض هذا الكلام ينفي سعي البشر لتنظيم تقدمهم عبر التخطيط ، وهذا كلام غير دقيق، فلا عمل سابقاً وحالياً ومستقبلاً وفق التقسيم الإفتراضي الثلاثي للزمن، يمكن أن يتم وبالنجاعة اللازمة من دون تخطيط، ولكن بإبدال ( نخطط) إلى ( خططنا) ، و(نعمل ) إلى (عملنا)، فالخطط لن تكون خططا، إذا ظلت ( نخطط أو سنخطط)، والعمل لن يكون عملاً إذا ظل ( نعمل أو سنعمل)، فهو لن يكون ملموسا إلا إذا تحول لصيغة الماضي ، وهو الزمن الحقيقي الوحيد من بين الأزمنة الإفتراضية .
كم كان عبقرياً ذاك الفيلسوف اليوناني الذي قال ( إنت لا تضع قدمك في النهر مرتين )، ذلك لأن ماء النهر يجري، والزمن يجري، ذاك سيّال، وهذا سيّال أيضاً.
أنا أعمل وفي لحظة تتحول أعمل إلى (عملت) ، أنا أقول وفي لحظة تتحول أقول إلى (قلت) . ليس ثمة شيء زئبقي لا يُمسك أكثر من الزمن .
نحتال على الزمن، فننتقل من اللحظة إلى الدقيقة، ومن الدقيقة، إلى الساعة، ومن الساعة إلى اليوم، ومن اليوم إلى الإسبوع، ومن الإسبوع إلى الشهر، ومن الشهر إلى السنة، ومن السنة إلى العقد، ومن العقد إلى القرن، ومن القرن إلى الألفية، وكلها مصطلحات إصطلحناها، كي نقبض على الراهن الذي هو الحاضر، لكن لحظتنا تصبح اللحظة المنصرمة، وكذا الدقيقة والساعة، واليوم يصبح الأمس أو البارحة، والسنة تصبح السنة الفارطة، والعقد العقد السالف، والقرن القرن الماضي ، والألفية الألفية المنقضية ، ودائما ، ما يفصل بين زمن وآخر، سواء كان دقيقة أم ألفية، لحظة متناهية في الصغر، لا يمكن الإمساك بها، وإن إصطلح عليها باللحظة أو الثانية، هي الحد الفاصل بين الآن غير الملموس والماضي الذي هو كل شيء.
وكل المصطلحات ستطوى.. نغيّر الأرقام ليس إلا، ويظل الزمن وحده الذي لا يتغيّر، في حين تتغيّر كل الأشياء، فوق الأرض وتحت الأرض، وفي الفضاء الخارجي، ويستمر التغيير إلى ما لانهاية .
أنا أكتب الآن .. يقولون هذا هو الحاضر، ولكن ( أنا أكتب الآن ) كتبت قبل ثوان .. أي أصبحت ماض. نحن كدودة القز نلتهم شجرة الحياة ونحولها خيوطا ثم نتشرنق داخلهاً. كأننا لا نبني ولا نشيّد سوى ماض . خيوط حرير متصلة إلى ما لا نهاية، واللاما نهاية ربما هي الزمن من دون تلك التقسيمات الإفتراضية الثلاث.
لا نحدد الماضي إلا من خلال الفعل، الماضي فعلناه، والحاضر نفعله، والمستقبل سنفعله. لا وجود لـ( نفعل)، فالشيء ينبغي أن يكون مفعول ومعمول، وما سنفعله، ليس سوى نيّة أو رغبة، يصبح زمناً عندما يُفعل ويُعمل، وحالما يتم ( أي حالما يُعمل ويُفعل) يتحول دونما فواصل إلى شيء مفعول ومعمول، أي ماض .
ليس في الماضي تسويف، أو تعهد، أو خداع، الماضي مُنجز. مُنجز شاخص، ومعروف لدى الجميع، ومُقيّم لدى الجميع سواء بالسلب أم بالإيجاب، لذا فهو وحده الفعل الحقيقي ، الجدير بالإعتبار والإحترام، وما عداه يحتمل كل شيء ، لأنه اساساً لا شيء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق