تقدم ظاهرة الشد السطحي تفسيراً لكثير من الظواهر الشائعة في حياتنا. فعلى سبيل المثال تأخذ قطرات السوائل أشكال شبه كروية بسبب ظاهرة الشد السطحي، وذلك لأن الكرة هي الشكل الهندسي ذو مساحة السطح الأقل. كما أن تباين مدى قوة قوى تماسك جزيئات السائل وقوى الالتصاق بالمادة المحيطة بالسائل يفسر لنا لماذاقد يبلل سائل معين بعض المواد في حين أنه لا يبلل مواد أخرى. فعلى سبيل المثال فإن الماء لا ينتشر على الأسطح النايلونية أو الأسطح المغطاة بالشمع وذلك لأن قوى تماسك جزيئات الماء مع بعضها البعض أكبر من قوى التصاق الماء بالسطح المشمع، وبالتالي تتجمع قطرات الماء فوق ذلك السطح على شكل قطرات يمكن أن تسقط بسهولة دون أن تبلل السطح. وقد تم استغلال هذه الملاحظات في صناعة معاطف المطر والمظلات..
وتقدم ظاهرة التوتر السطحي تفسيراً لإمكانية عمل فقاعات الصابون بينما لا يمكن القيام بعمل فقاعات باستخدام الماء النقي وحده، وذلك لأن الماء النقي لديه قوى توتر سطحي كبيرة، ولكن بإضافة منشطات السطوح (كالصابون) إليه تقل تلك القوى بأكثر من عشر أضعاف، وبذلك يصبح من الممكن عمل فقاعات ذات سطوح كبيرة بكتلة قليلة من السائل.
كما أن إضافة الصابون إلى الماء تجعله منظفاً ممتازاً عبر تقليل توتره السطحي وبالتالي تجعله قادراً على تبليل والإحاطة بالأوساخ لتسهل إزالتها. ويمكنك التحقق من ذلك باستخدام بعض الصابون حتى تتمكن من مزج الماء بالزيت مثلاً. حيث يعمل الصابون في هذه الحالة على تقليل التوتر السطحي متيحاً إمكانية عمل قطرات ضئيلة الحجم من الزيت داخل مقدار من الماء أو العكس. بينما لو لم يكن الصابون موجوداً لما امتزج السائلان وذلك لأن قوى التوتر السطحي لدى كل من السائلين أكبر من قوى تماسك أحدهما مع الآخر. كل هذه الأمور تظهر الأهمية البالغة لظاهرة الشد أو التوتر السطحي.
.
ومن الملاحظات الأخرى التي تفسرها ظاهرة التوتر السطحي هو تكوين بعض السوائل لسطح محدب أو سطح مقعر عند وضعها في وعاء أنبوبي. وذلك يعود لتباين قوة التوتر السطحي وقوة التصاق جزيئات السائل بالوعاء المحيط. التوتر السطحي Surface Tension
من منا لم يسأل نفسه لماذا قطرة الماء تبقى معلقة في صنبور الماء لبعض الوقت ? و لماذا تميل السوائل لجعل سطوحها شبه كروية ? , أيضاً لم تكون بعض الحشرات قادرة أن تمشي على سطح الماء? , و كيف بإمكاننا جعل إبرة فولاذية جافة قادرة أن تطفو على سطح الماء إذا وضعت بعناية ?.
إن سبب هذه الظواهر هو الظاهرة السطحية للسوائل التي تعرف باسم التوتر السطحي
تربط بين جزيئات المادة المتجانسة قوى تسمى قوى الجذب الجزيئية ( قوى التماسك ) تعمل على تماسك جزيئات هذه المادة بعضها ببعض , إن قيمة هذه القوى في السوائل تكون أقل مما عليه في الأجسام الصلبة و هذا ما يفسر تغير شكل السائل بتغير الإناء الموجود فيه , بالإضافة على تلك القوى يوجد قوى تؤثر بين جزيئات السائل و جزيئات الأوساط الأخرى التي تلامسها سواء أكانت حالة تلك الأوساط صلبة أو سائلة أو غازية تدعى هذه القوى ب ( قوى التلاصق ) .
بالنسبة للجزيئات الواقعة في داخل السائل أي على بعد عدة أقطار جزيئية إلى الأسفل من سطحه , فإن كل جزيء مثل ( A ) سوف يتأثر بقوى تماسك مع جزيئات السائل الأخرى من جميع الجهات و بنفس القدر تقريباً مما يعني أن جزيء مثل ( A ) سيكون متأثر بمجموعة متزنة من القوى محصلتها معدومة . أما بالنسبة لجزيئات السائل عند السطح فإن كل جزيء مثل ( B ) سوف يكون متأثر بقوى تماسك مع جزيئات السائل من الجهة السفلى و متأثر بقوى التلاصق مع جزيئات الهواء من الجهة العليا و حيث أن كثافة السوائل أكبر بكثير من كثافة الغازات لذلك فإن محصلة هذه القوى تكون في اتجاه قوى التماسك .
أي أن كل جزيء عند السطح يكون متأثراً بقوى جذب إلى الداخل ( مما يقلل من فرصة شغله موقع سطحي ) تؤدي إلى تقلص سطح السائل ليشغل أصغر مساحة ممكنة له. و هذا يفسر الشكل الشبه الكروي لفطرات السائل و يكون عندئذ سطحها أصغرياً بالنسبة لحجم معين .
و بالتالي عدد الجزيئات الموجودة على السطح أقل من جزيئات السائل , و لذلك فإن البعد المتوسط بين الجزيئات على السطح أكبر قليلاً من البعد المتوسط داخل السائل و هذا يؤدي وسطياً إلى وجود قوى تجاذبية بين جزيئات السطح و هذا يفسر وجود التوتر السطحي.
من ناحية أخرى : يلاحظ أن للجزيئات الموجودة على سطح السائل طاقة كامنة أكبر من الطاقة الكامنة للجزيئات الموجودة وسط السائل وهذا يعود إلى أنه عندما نريد جلب جزيء من السائل إلى السطح يجب كسر عدد من روابطه أي يجب بذل عمل للقيام بذلك وهذا العمل يتحول إلى طاقة كامنة داخل الجزيء. و لكن هذا يخالف الميل الطبيعي للأجسام لتقليل طاقتها , و يتحقق ذلك في السوائل من خلال ميلها الطبيعي لتقليل مساحة سطحها إلى أقل قدر ممكن حيث يبرهن رياضياً أن ذلك يتحقق عندما يكون شكل السطح كروياً .التعريف الفيزيائي للتوتر السطحي
يرمز للتوتر السطحي بالرمز σ, γ أو T، ويعرّف بأنه القوة المؤثرة عموديّا على طول خط عمل وحدة القوى عندما تكون هذه القوة موازية للسطح. ويقاس التوتر السطحي بوحدات نيوتن لكل متر(N·m-1) ، أو داين لكل سنتيميتر. وبالنسبة للديناميكا الحرارية يعرف التوتر السطحي على انه الشغل المبذول لوحدة المساحات.
الشد السطحي أو التوتر السطحي كما ذكرنا هو خاصية لسطح السائل إذ يعمل كغشاء مشدود تقف عليه الحشرات و تطفو عليه الإبرة أو الشفرة الفلزية أو حتى قطعة نقدية مع أن كثافتها أكبر من كثافة السائل.
يعتمد التوتر السطحي على عاملين: نوع السائل
أي أنه الحشرة لا تقف على أي سائل. حيث أن هناك ذات توتر سطحي أعلى من سوائل أخرى.
درجة الحرارة: إذا كان السائل في درجة غليانه فذلك سيؤدي إلى انعدام قوةالتوتر السطحي. وبشكل عام كلما ارتفعت درجة حرارة السائل قل الشد السطحي للسائل.
حشرة طافية على سطح سائل
قطعة نقدية طافية فوق سطح الماء، وكون كثافة معدن القطعة النقدية أكبر من كثافة السائل فإنه لايمكننا تفسير طفو القطعة النقدية إلا بوجود ظاهرة التوتر السطحي
تنشأ خاصية التوتر السطحي لسائل ما بسبب وجود قوة تماسك بين جزيئاته، و يعمل سطح السائل و كأنه غشاء مشدود. أي أن عندما نضع شفرة برفق على ماء في إناء، فإن جزيئات الماء سوف تتماسك و كأنها غشاء مشدود يحمل الشفرة. حتى ولو كانت كثافة الشفرة أكبر من كثافة الماء.
ويمكن فهم سبب حدوث ظاهرة الشد السطحي إذا لاحظنا أن أي جزيء داخل السائل يتعرض لقوى متساوية من قبل الجزيئات الحيطة به وفي جميع الاتجاهات. ولكن على النقيض من ذلك فإن جزيئات السائل التي تقع على السطح تتعرض لقوى جذب (تعرف بقوة التماسك) فقط في اتجاه السائل
.
// بقلم وهيبة سكر //
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق