إدمان الجنس Sex Addiction
مقدمة: من الضروري أن يعرف المرء أن الجنس أمر محوري في حياته وليس نوعا من الترف أو مصدرا للخجل وضرورة السرية والتستر فيه فقط لا غير. وأيضا ليس فقط ضرورة من ضرورات استمرار النوع كما هو في الحيوانات, بل هو أكثر رقيا في البشر كتعبير عن الحب والعلاقات الإنسانية الراقية.
الجنس له ميزة كبيرة جدا قد لا يعرفها الكثيرون رغم روتينية القيام بها منذ الأزل على كافة المستويات سواء الخيال أو الواقع. هذه الميزة هي ارتباط الجنس والممارسة الجنسية الوثيقة بالآخر.
ولكي نبين هذه الخصوصية, ينبغي أن نعرف أن الضرورات البيولوجية النفسية لحياة نفسية وجسدية مستقرة للانسان هي خمس:
1) النوم.
2) الشهية للطعام والشراب.
3) تغير المزاج حسب فترات اليوم.
4) إخراج الفضلات الجسدية.
5) الجنس.
ولو لاحظنا أن العناصر الأربعة الأولى يستطيع الانسان, بل يفضل أحيانا, أن يقوم بها ولوحده تماما. أما الجنس فلا يمكن أن يمارسه الانسان لوحده أبدا.
على مستوى الخيال, يعيشه الانسان مع شريك حقيقي أو من صنع خياله. على مستوى العادة السرية, الأمر مشابه تقريبا للممارسة الخيالية وفي الأحلام أيضا لا بد من شريك سواء بشري أو حيواني أو حتى من الجمادات. لا حاجة للقول أن الممارسة في الواقع تحتاج للشريك.
هذا يعطي الجنس بعدا آخر غير اللذة وهي التواصل والعيش والاستمرارية للبشرية والأهم من كل أنه أداة للتعبير عن الحب.
هل يوجد ما يسمى إدمان على الجنس؟!:
الكلام عن إدمان الجنس قديم جدا لكن دراسته بشكل علمي وإيجاد طرق للتعامل معه كان فقط في الأربعة عقود الأخيرة. بدأ الباحثون بجمع المعلومات وتوثيقها من آلاف المتأثرين بطغيان الجنس على باقي جوانب حياتهم وتم تحليل هذه المعلومات ليتم الحصول على أسس علمية وقوية لهذا المرض.
إدمان الجنس هو مصطلح مطاط بعض الشيء وخاضع للتقييم الخاطئ لأسباب منها تعقيد عملية الجنس بسبب تداخلات عناصرها الكثيرة (الجسمانية, العاطفية, الاجتماعية, الدينية......إلخ) وبسبب كون الجنس أمر طبيعي في حياة الانسان فيختلط الموضوع حيث الحدود بين الطبيعي والشاذ غير واضحة المعالم.
ببساطة, إن كانت ممارسة الجنس هي لإشباع الرغبة الطبيعية للجسد والروح, وفي نطاقها القانوني والاجتماعي من جهة أو الديني من جهة أخرى, ودون أن تسبب المشاكل للانسان أو شريكه فهو أمر طبيعي. أما لو كانت الممارسة الجنسية تخل بأحد هذه العناصر وتؤثر على حياة الانسان أو تورطه في مشاكل أو تسبب مضاعفات ومع ذلك يستمر فيها وبشكل قسري, فهو ما يطلق عليه بشكل عام إدمان الجنس.
قد ينغمس البعض في ممارسة الجنس بصور مختلفة في ظروف حياتية أو نفسية معينة غالبا ما تكون مؤقتة كمصدر للشعور بالراحة النفسية. لا يسمى هذا السلوك إدمانا للجنس ما لم يصل حد السلوك القسري المؤذي.
إدمان الجنس مشكلة توجد في كل الطبقات الاجتماعية وكل المستويات التعليمية وفي كل الأعراق البشرية المختلفة. ولكن يعتقد أنه يختلف قليلا في النساء حيث يغلب عليهن الإدمان على فكرة كونهن جذابات ومثيرات للاهتمام أكثر من الرغبة الجنسية نفسها.
متى نطلق على الانسان أنه مدمن على الجنس؟:
لحد الآن لا توجد خصائص متفق عليها حول إدمان الجنس ولم يتم الإقرار به في النسخة الرابعة من الدليل التشخيصي الإحصائي ولكن تجري التحضيرات لضمه إلى قائمة أمراض الإدمان ويتوقع أن يحدث ذلك في العام 2012م.
لا يزال الجدل مستمرا بين من يطلقون عليه مسمى إدمان (Addiction) وبين من يريدون إعطاءه إسما آخر مثل الاندفاعية الجنسية (Sexual Impulsivity) تمييزا له عن إدمان المواد الكيميائية (المخدرات).
يوجد ثلاث خصائص مهمة قد تجعل من السلوك الجنسي إدمانا حقيقيا وهي:
- القسر في السلوك: ومعناها عدم القدرة على التحكم في الممارسة الجنسية.
- الاستمرارية رغم وقوع الضرر: إدمان الجنس مؤذ ومكلف جدا من الناحية الزوجية والأسرية والمالية والوظيفية ومع ذلك يستمر المدمن في نفس السلوك رغم ما يعانيه هو نفسه ومن حوله.
- الهوس بالجنس: وهو عدم القدرة على التوقف في التفكير فيه سواء بالخيالات أو بأحلام اليقظة أو التفكير المستمر في كيفية إيجاد طريقة للإشباع الجنسي. التفكير في الجنس مستمر تقريبا سواء بوجود ما يشير له في كلام الآخرين أو المحيط بالمدمن أو كان لوحده وبعيدا عن المؤثرات.
أشار بعض الباحثين إلى أن السلوك الجنسي الذي ينضوي تحت مسمى إدمان الجنس يجب أن يكون سلوكا سويا في الأساس ولكنه زائد عن الحد أو يؤدي لمشاكل كبيرة. ولكن معظم الباحثين لا يتفقون مع ذلك, والسلوكيات الجنسية سواء كانت سوية أو شاذة فهي إن انطبقت عليها الشروط الإدمانية كانت سلوكا إدمانيا جنسيا.
بعض السلوكيات المعتادة لمدمن الجنس:
قد لا يكون هدف المدمن على الجنس هو الوصول للرعشة الجنسية (العسيلة أو الإيغاف Orgasm) في كل مرة يمارس فيها الجنس ولكنه يجد السعادة في الممارسة نفسها حتى دون اللذة (الجنسية) المعروفة. ما ينشده غالبا هو دفق الدوبامين في الدماغ الذي يبعث على البهجة وقد يكون السبب هو الشعور بالكآبة قبل ممارسة الجنس.
لكي نبسط الفرق بين شخص عادي وشخص مدمن على الجنس: فلو شاهد شخص عادي منظر فتاة مغرية في الشارع فقد ينظر لها مرة أو مرتين ويتمنى ممارسة الجنس معها ثم ينصرف لحال سبيله ولحياته المعتادة أو أن ينشغل بشيء آخر يشد انتباهه. لكن لو شاهد مدمن الجنس نفس الفتاة, فإنه سيعود لها مرات متكررة ليراها ويدور حولها ويبني في خياله قصصا جنسية متعددة ويظل يفكر فيها باستغراق كامل فيها مع ممارسة العادة السرية أو قد يتعرض لها في الشارع في نفس اللحظة التي يراها فيها ويعرض عليها أو يلمح لممارسة الجنس معها بمقابل أو بأي شكل.
يتراوح سلوك المدمنين على الجنس بين الخيال والتطبيق الواقعي وقد يدمنون على نوع واحد من السلوكيات الجنسية أو أكثر في نفس الوقت أو تتغير من وقت لآخر. ويشعر المدمن بالعجز عن السيطرة على هذه الخيالات أو السلوكيات.
في كل مرة يمارس المدمن سلوكه الجنسي يشعر بالخجل ويحتقر نفسه ويندم وينوي عدم ممارستها مرة أخرى. لكن بعد فترة وجيزة, يشعر بالشوق الشديد لممارسة الجنس بأي وسيلة تشعره بالسعادة. ورغم كل الأضرار التي قد تحصل له من وراء ذلك, فهو يعيد الأمر المرة تلو الأخرى. بل ويقرر الكثير من مدمني الجنس أن سلوكهم الجنسي يتدهور مع مرور الوقت والسنين ولا يميل للتحسن مع الشعور بالندم والخجل.
التدهور قد يحصل في المسار النمطي للمشكلة حيث يبدأ بالإكثار من العادة السرية مرورا بالصور والأفلام الخليعة ثم تعدد العلاقات وينتهي الأمر بالممارسات الخطيرة أو الإجرامية مثل الجنس مع الأطفال. أو قد يحصل التدهور في نفس السلوك مع الاحتفاظ به مثل أن يستمر في مسألة تعدد العلاقات دون تغييرها ولكنها تزيد مع الوقت كما أو كيفا.
تزداد حالة مدمن الجنس سوءا في الأزمات النفسية أو العاطفية أو المالية أو أي نوع آخر من الظروف القاسية. في مثل هذه الظروف يكون سلوكه أكثر تكرارا في الممارسة وأقوى وأكثر شراسة إن كان سلوكه الجنسي يتضمن العدوانية والإجرام.
يحاول المدمنون على الجنس أن يغطوا على سلوكهم الجنسي بواسطة ممارسة عكسه في المجتمع إذ قد ينضمون لجماعات دينية أو خدمات اجتماعية أو إنسانية ليختبئوا خلف ستارها المحبب للناس.
في النهاية قد يسبب إدمان الجنس إعاقة جزئية أو كاملة لحياة المدمن في جوانبها كلها أو بعضها وقد يكون سببا في إنهاء حياته.
* قصة نمطية: حسام, رجل وسيم وتاجر ناجح وإنسان محبوب ومرح وطيب القلب جدا وعطوف على الفقراء والمحتاجين. عمره 45 سنة ومتزوج منذ 15 سنة ولديه 3 أطفال. وخلال كل هذه المدة كان يتعرف على 4 أو 5 نساء سنويا الواحدة تلو الأخرى دون أن يجمع اثنتين في وقت واحد ويعاشرهن لمدة معينة ثم يفترق عنهن بلا سابق إنذار. بعد كل معاشرة جنسية مع أي من هذه النسوة, يشعر بألم الندم والحسرة والخجل من نفسه وتصرفاته.
لا يكتفي بذلك, بل عندما يكون بعيدا عن زوجته وعشيقته ولا يستطيع الوصول إلى الجنس الطبيعي بأي شكل, فإنه يمارس العادة السرية سواء في مكتبه أو في حمام الشركة أو في حمام بيت صديقه عندما يكون في دعوة للعشاء. قد يمارس العادة السرية مرتين أو ثلاث يوميا.
يزداد ألمه وشعوره بالحسرة حينما يعاشر عاهرة في ماخور دعارة عندما يسافر أو يبتعد عن زوجته وعشيقته لأي سبب ويشعر بأن ذلك غير لائق بمستواه الاجتماعي وحب الناس واحترامهم له.
مع مرور السنين, يعاني حسام من الكآبة والعزلة وعدم الرغبة في العمل ويتعرض لخسائر مادية فادحة وتبدأ لديه الرغبة في الانتحار.
إضافة لذلك, يتعرض حسام لعاصفة أسرية كادت أن تودي بحياته الزوجية وتعرض أطفاله للضياع حينما اكتشف زوجته (خيانته) لها. ينهار حسام أمامها باكيا وهو يستعرض آلامه التي يعاني منها جراء سلوكه الغير سوي وأنه لا يرغب به وحاول التوقف عنه عدة مرات.
تفهم زوجته ومساندتها له ووعدها بالوقوف لجانبه بشرط أن يخضع للعلاج المتخصص خفف من معاناته لاحقا وخلق فيه نوعا من التوازن وتدريجيا استطاع التغلب على المشكلة مع العلاج والتأهيل.
جذور مشكلة إدمان الجنس:
يعتقد أن جذور المشكلة تكمن في الطفولة وفي طريقة ومحيط التربية الأولى في حياة الإنسان. عادة ما ينشأ من تم تشخيصهم بهذا النوع من الإدمان في محيط مضطرب أو أسرة مفككة أو لم تستطع أن توفر كل الحب الذي يحتاجه هذا الطفل. ينشأ الطفل ويشعر بالعزلة والكآبة وخيبة الأمل من أسرته. هذا يدفع الطفل للبحث عن مصدر للسعادة المؤقتة عن طريق العبث بأعضائه التناسلية.
يعتبر ذلك نوع من الهروب يلجأ له الطفل كلما أحس بالضغوط النفسية مثلا عندما تحصل خلافات بين الأبوين تشعره بفقد الإحساس بالأمن والراحة.
عندما يفقد الطفل الإحساس بالاهتمام من قبل المحيطين به, فقد يبحث عنه بأن يخلق حبا مع ذاته ويتخيل أنه يحب نفسه سواء روحيا أو جسديا أو يبحث عن هذا الحب خارج الأسرة حتى لو كان عن طريق الانترنت أو أي وسلة أخرى. وقد ينغمس في رؤية الصور والأفلام الجنسية التي تمثل الحب والألفة بالنسبة له مما يجعله متعلقا بها وعاشقا لها.
الملابس المبتذلة بشكل مبالغ فيه أمام الطفل أيضا يعتقد أنه عامل مساعد على ظهور مشكلة الإدمان على الجنس. كما أن الكلام بشكل مبالغ فيه عن الجنس أمام الطفل وتبادل النكات عنه وبشكل غير محتشم أو الكلام عن العلاقات الغير سوية أمامه قد يكون كل ذلك من جذور وأسباب ظهور مشكلة الإدمان على الجنس.
قد تبدأ المشكلة لدى الطفل عندما يتعرض لموقف فيه ما يشير للجنس بشكل صريح أو تلميحا من شخص بالغ أو طفل أكبر منه. يشمل ذلك التحرش به أو تعريضه لرؤية الأفلام أو الصور أو أي مادة جنسية. هذا لا يعتبر فقط إساءة للطفل بل قد يعرض حياته الجنسية في البلوغ إلى أمور خطيرة جدا وقد لا يستطيع ممارسة حياته الجنسية بشكل طبيعي أبدا.
إن ممارسة العادة السرية لدى الأطفال أو بكثرة لدى المراهقين قد يكون مؤشرا قويا على وجود مشكلة لديه مثل: عدم الشعور بالأمان, أو القلق, أو وجود مشاكل واضطرابات في جو البيت, أو أنه تعرض للتحرش أو الاعتداء الجنسي....إلخ!.
الطفل الذي ينشأ وقد تعرض لمثل هذه الأمور (الحرمان, التحرش أو الاعتداء الجنسي, التعري أمامه....إلخ) يصبح من الصعب عليه أن يميز بين الطبيعي وغير الطبيعي في الجنس ومن الصعب عليه أن يعرف حدوده في ذلك ومدى أهمية مشاعر الآخرين. يصبح الجنس لديه هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الحب وعن الانتماء والراحة والسعادة.
أسباب إدمان الجنس:
الباحثون في هذا المجال لا يعتقدون بأن إدمان الجنس هو سلوك مناف للأخلاق والذوق بشكل صرف وإنما توجد متغيرات في الدماغ تختلف عن تلك الموجودة لدى الأسوياء.
بالإضافة لجذور إدمان الجنس المذكورة أعلاه, توجد ما يعتقد أنها مسببات مباشرة أو مرتبطة بشدة مع إدمان الجنس.
يعتقد بوجود اضطراب في إفراز مادة الدوبامين (Dopamine) والتي تسمى مادة السعادة في الدماغ أثناء الممارسة الجنسية نفسها وأثناء الرعشة الجنسية لدى المدمنين على الجنس. أي أن دماغ المدمن على الجنس يتعامل بشكل مختلف مع السعادة المرتبطة بالممارسة الجنسية وخاصة الإحساس بالرعشة في نهايتها.
يعتقد أن الدفق الهائل من مادة الدوبامين في أدمغة المدنين جنسيا يعادل مئات المرات ما يحصل في مدمني الهيروين والكوكايين. وهذا الدفق العالي من الدوبامين العالي جدا في أدمغة مدمني الجنس يبدأ حتى بالخيال الجنسي مرورا بالكلام عنه وبدء المباشرة فيه أو عند النهاية.
ولذلك شبه بعض الباحثين من أمثال (Gert Holstege) تعامل دماغ المدمن مع النشوة الجنسية كما يتعامل مع الدفق الذي يرافق استخدام الهيروين تماما.
الإفراز المفرط للدوبامين المسبب للنشوة الجنسية يجعل الدماغ ينتظر إشباع مركز اللذة فيه بشغف كبير مما يجعل معاودة الفعل الجنسي أمرا قسريا ومن الصعب التحكم فيه.
مع مرور الوقت, يحصل متغيرات في الدماغ تؤدي إلى شح في الدوبامين وبالذات في الجهاز الحوفي (Limbic System) وليس ارتفاعا كما هو متوقع في مثل هذه الحالات. هذا يؤدي لحالة من الفقد لشيء ما في حياة المدمن على الجنس فيما يختص بممارسته له. أي أن المدمن يشعر أنه يفتقد لشيء ما (كنوع من الشوق Craving) دون أن يقترن بالنشوة عند فعله, أي أن يصبح وكأنه شيء يتم بشكل (آلي).
يستجيب المدمن على الجنس أكثر من غيره للمغريات الخارجية بكافة أنواعها كنوع من التعلم المشروط المصاحب للجنس, أي أنه يهتاج أكثر من غيره عند وجود مؤثر مغري أيا كان نوعه ولكن هذا لا يعني أن شهوته أكبر عند البدء في الإشباع بالممارسة ولكنه يمارس الجنس كنوع من التخلص من شح الدوبامين في دماغه والذي يسبب نوعا من الكآبة.
يعتقد الباحثون أيضا أن هناك جزء في الفص الجبهي من الدماغ يسمى الفص الحجاجي الجبهي (Orbito-Frontal Cortex) والمختص بالحكم على الأمور ونتائجها يتم التحايل عليه لسبب معين أثناء الطفولة يؤدي لسوء تقدير في الأمور بحيث تتغلب الرغبة على التريث والتقييم للنتائج. هذا يؤدي بالإنسان إلى أن يتصرف دون أن يفكر مليا فيما يقدم عليه عندما يكون مدمنا على الجنس وهو مشابه تماما لما يحدث في الاعتمادية على المواد الكيميائية أي المخدرات.
يوجد ربط بين إدمان الجنس وثلاثة من الاضطرابات النفسية وهي: الشخصية النرجسية (Narcissistic Personality Disorder), الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder) والاضطراب الوجداني ثنائي القطب (Bipolar Affective Disorder ) مما يؤيد وجود اعتلال دماغي أو نفسي على الأقل في إدمان الجنس.
ارتباط آخر لا يقل أهمية في إثبات جذور عضوية كيميائية لهذا النوع من الإدمان وهو ارتباط إدمان الجنس بإدمان المخدرات. في هذه الجزئية, وبصور مختلفة, ارتبط الاثنان في العنصر الكيميائي للمشكلة وأيضا باضطرابات المزاج التي تجمع بينهما بشكل وثيق جدا في المسببات والنتائج.
بشكل نفس ديناميكي, يفسر إدمان الجنس على أساس ما ذكرناه أعلاه في جذور المشكلة منذ الطفولة والمشاكل في التربية أو التعرض للصدمة بأي شكل مثل الاغتصاب. ويميل بعض المختصين في هذا المجال إلى تفسير هذه المشكلة على أنه إدمان على الحب أكثر منه إدمان على شكل من أشكال التعبير عنه وهو الجنس.
إحصائيات ومؤشرات تدل على وجود اضطراب نفسي:
- 83 % من المدمنين على الجنس تعرضوا لاعتداء جنسي في وقت ما من حياتهم كأطفال أو في سن المراهقة أو بعد البلوغ وبأشكال ودرجات مختلفة.
- 98 % منهم أشاروا إلى أن سلوكهم الجنسي أدى إلى فقد ثقتهم بأنفسهم وأنهم ينظرون لأنفسهم نظرة دونية.
- 92 % منهم يشعرون باليأس من حالتهم ومن الشفاء من إدمان الجنس.
- حوالي 20 % منهم شاذون جنسيا.
- حوالي 30 % منهم يتأرجحون بين الممارسة الجنسية الشاذة والسوية.
- 97 % منهم يشعرون بالذنب واحتقار الذات بشكل دائم أو على الأقل بعد كل ممارسة جنسية.
- حوالي 45 % يعاقرون الخمور أو يتعاطون نوعا من المخدرات.
- 91 % منهم يقرون بأنهم يمارسون ما يتعارض مع أخلاقياتهم التي يؤمنون بها.
- تقريبا 99 % منهم يرغبون في التوقف عن سلوكهم الجنسي الغير سوي وتعديل مسار حياتهم الجنسية.
- 82 % منهم مصابون بالاكتئاب مع تفكير جاد في الانتحار.
مقدمة: من الضروري أن يعرف المرء أن الجنس أمر محوري في حياته وليس نوعا من الترف أو مصدرا للخجل وضرورة السرية والتستر فيه فقط لا غير. وأيضا ليس فقط ضرورة من ضرورات استمرار النوع كما هو في الحيوانات, بل هو أكثر رقيا في البشر كتعبير عن الحب والعلاقات الإنسانية الراقية.
الجنس له ميزة كبيرة جدا قد لا يعرفها الكثيرون رغم روتينية القيام بها منذ الأزل على كافة المستويات سواء الخيال أو الواقع. هذه الميزة هي ارتباط الجنس والممارسة الجنسية الوثيقة بالآخر.
ولكي نبين هذه الخصوصية, ينبغي أن نعرف أن الضرورات البيولوجية النفسية لحياة نفسية وجسدية مستقرة للانسان هي خمس:
1) النوم.
2) الشهية للطعام والشراب.
3) تغير المزاج حسب فترات اليوم.
4) إخراج الفضلات الجسدية.
5) الجنس.
ولو لاحظنا أن العناصر الأربعة الأولى يستطيع الانسان, بل يفضل أحيانا, أن يقوم بها ولوحده تماما. أما الجنس فلا يمكن أن يمارسه الانسان لوحده أبدا.
على مستوى الخيال, يعيشه الانسان مع شريك حقيقي أو من صنع خياله. على مستوى العادة السرية, الأمر مشابه تقريبا للممارسة الخيالية وفي الأحلام أيضا لا بد من شريك سواء بشري أو حيواني أو حتى من الجمادات. لا حاجة للقول أن الممارسة في الواقع تحتاج للشريك.
هذا يعطي الجنس بعدا آخر غير اللذة وهي التواصل والعيش والاستمرارية للبشرية والأهم من كل أنه أداة للتعبير عن الحب.
هل يوجد ما يسمى إدمان على الجنس؟!:
الكلام عن إدمان الجنس قديم جدا لكن دراسته بشكل علمي وإيجاد طرق للتعامل معه كان فقط في الأربعة عقود الأخيرة. بدأ الباحثون بجمع المعلومات وتوثيقها من آلاف المتأثرين بطغيان الجنس على باقي جوانب حياتهم وتم تحليل هذه المعلومات ليتم الحصول على أسس علمية وقوية لهذا المرض.
إدمان الجنس هو مصطلح مطاط بعض الشيء وخاضع للتقييم الخاطئ لأسباب منها تعقيد عملية الجنس بسبب تداخلات عناصرها الكثيرة (الجسمانية, العاطفية, الاجتماعية, الدينية......إلخ) وبسبب كون الجنس أمر طبيعي في حياة الانسان فيختلط الموضوع حيث الحدود بين الطبيعي والشاذ غير واضحة المعالم.
ببساطة, إن كانت ممارسة الجنس هي لإشباع الرغبة الطبيعية للجسد والروح, وفي نطاقها القانوني والاجتماعي من جهة أو الديني من جهة أخرى, ودون أن تسبب المشاكل للانسان أو شريكه فهو أمر طبيعي. أما لو كانت الممارسة الجنسية تخل بأحد هذه العناصر وتؤثر على حياة الانسان أو تورطه في مشاكل أو تسبب مضاعفات ومع ذلك يستمر فيها وبشكل قسري, فهو ما يطلق عليه بشكل عام إدمان الجنس.
قد ينغمس البعض في ممارسة الجنس بصور مختلفة في ظروف حياتية أو نفسية معينة غالبا ما تكون مؤقتة كمصدر للشعور بالراحة النفسية. لا يسمى هذا السلوك إدمانا للجنس ما لم يصل حد السلوك القسري المؤذي.
إدمان الجنس مشكلة توجد في كل الطبقات الاجتماعية وكل المستويات التعليمية وفي كل الأعراق البشرية المختلفة. ولكن يعتقد أنه يختلف قليلا في النساء حيث يغلب عليهن الإدمان على فكرة كونهن جذابات ومثيرات للاهتمام أكثر من الرغبة الجنسية نفسها.
متى نطلق على الانسان أنه مدمن على الجنس؟:
لحد الآن لا توجد خصائص متفق عليها حول إدمان الجنس ولم يتم الإقرار به في النسخة الرابعة من الدليل التشخيصي الإحصائي ولكن تجري التحضيرات لضمه إلى قائمة أمراض الإدمان ويتوقع أن يحدث ذلك في العام 2012م.
لا يزال الجدل مستمرا بين من يطلقون عليه مسمى إدمان (Addiction) وبين من يريدون إعطاءه إسما آخر مثل الاندفاعية الجنسية (Sexual Impulsivity) تمييزا له عن إدمان المواد الكيميائية (المخدرات).
يوجد ثلاث خصائص مهمة قد تجعل من السلوك الجنسي إدمانا حقيقيا وهي:
- القسر في السلوك: ومعناها عدم القدرة على التحكم في الممارسة الجنسية.
- الاستمرارية رغم وقوع الضرر: إدمان الجنس مؤذ ومكلف جدا من الناحية الزوجية والأسرية والمالية والوظيفية ومع ذلك يستمر المدمن في نفس السلوك رغم ما يعانيه هو نفسه ومن حوله.
- الهوس بالجنس: وهو عدم القدرة على التوقف في التفكير فيه سواء بالخيالات أو بأحلام اليقظة أو التفكير المستمر في كيفية إيجاد طريقة للإشباع الجنسي. التفكير في الجنس مستمر تقريبا سواء بوجود ما يشير له في كلام الآخرين أو المحيط بالمدمن أو كان لوحده وبعيدا عن المؤثرات.
أشار بعض الباحثين إلى أن السلوك الجنسي الذي ينضوي تحت مسمى إدمان الجنس يجب أن يكون سلوكا سويا في الأساس ولكنه زائد عن الحد أو يؤدي لمشاكل كبيرة. ولكن معظم الباحثين لا يتفقون مع ذلك, والسلوكيات الجنسية سواء كانت سوية أو شاذة فهي إن انطبقت عليها الشروط الإدمانية كانت سلوكا إدمانيا جنسيا.
بعض السلوكيات المعتادة لمدمن الجنس:
قد لا يكون هدف المدمن على الجنس هو الوصول للرعشة الجنسية (العسيلة أو الإيغاف Orgasm) في كل مرة يمارس فيها الجنس ولكنه يجد السعادة في الممارسة نفسها حتى دون اللذة (الجنسية) المعروفة. ما ينشده غالبا هو دفق الدوبامين في الدماغ الذي يبعث على البهجة وقد يكون السبب هو الشعور بالكآبة قبل ممارسة الجنس.
لكي نبسط الفرق بين شخص عادي وشخص مدمن على الجنس: فلو شاهد شخص عادي منظر فتاة مغرية في الشارع فقد ينظر لها مرة أو مرتين ويتمنى ممارسة الجنس معها ثم ينصرف لحال سبيله ولحياته المعتادة أو أن ينشغل بشيء آخر يشد انتباهه. لكن لو شاهد مدمن الجنس نفس الفتاة, فإنه سيعود لها مرات متكررة ليراها ويدور حولها ويبني في خياله قصصا جنسية متعددة ويظل يفكر فيها باستغراق كامل فيها مع ممارسة العادة السرية أو قد يتعرض لها في الشارع في نفس اللحظة التي يراها فيها ويعرض عليها أو يلمح لممارسة الجنس معها بمقابل أو بأي شكل.
يتراوح سلوك المدمنين على الجنس بين الخيال والتطبيق الواقعي وقد يدمنون على نوع واحد من السلوكيات الجنسية أو أكثر في نفس الوقت أو تتغير من وقت لآخر. ويشعر المدمن بالعجز عن السيطرة على هذه الخيالات أو السلوكيات.
في كل مرة يمارس المدمن سلوكه الجنسي يشعر بالخجل ويحتقر نفسه ويندم وينوي عدم ممارستها مرة أخرى. لكن بعد فترة وجيزة, يشعر بالشوق الشديد لممارسة الجنس بأي وسيلة تشعره بالسعادة. ورغم كل الأضرار التي قد تحصل له من وراء ذلك, فهو يعيد الأمر المرة تلو الأخرى. بل ويقرر الكثير من مدمني الجنس أن سلوكهم الجنسي يتدهور مع مرور الوقت والسنين ولا يميل للتحسن مع الشعور بالندم والخجل.
التدهور قد يحصل في المسار النمطي للمشكلة حيث يبدأ بالإكثار من العادة السرية مرورا بالصور والأفلام الخليعة ثم تعدد العلاقات وينتهي الأمر بالممارسات الخطيرة أو الإجرامية مثل الجنس مع الأطفال. أو قد يحصل التدهور في نفس السلوك مع الاحتفاظ به مثل أن يستمر في مسألة تعدد العلاقات دون تغييرها ولكنها تزيد مع الوقت كما أو كيفا.
تزداد حالة مدمن الجنس سوءا في الأزمات النفسية أو العاطفية أو المالية أو أي نوع آخر من الظروف القاسية. في مثل هذه الظروف يكون سلوكه أكثر تكرارا في الممارسة وأقوى وأكثر شراسة إن كان سلوكه الجنسي يتضمن العدوانية والإجرام.
يحاول المدمنون على الجنس أن يغطوا على سلوكهم الجنسي بواسطة ممارسة عكسه في المجتمع إذ قد ينضمون لجماعات دينية أو خدمات اجتماعية أو إنسانية ليختبئوا خلف ستارها المحبب للناس.
في النهاية قد يسبب إدمان الجنس إعاقة جزئية أو كاملة لحياة المدمن في جوانبها كلها أو بعضها وقد يكون سببا في إنهاء حياته.
* قصة نمطية: حسام, رجل وسيم وتاجر ناجح وإنسان محبوب ومرح وطيب القلب جدا وعطوف على الفقراء والمحتاجين. عمره 45 سنة ومتزوج منذ 15 سنة ولديه 3 أطفال. وخلال كل هذه المدة كان يتعرف على 4 أو 5 نساء سنويا الواحدة تلو الأخرى دون أن يجمع اثنتين في وقت واحد ويعاشرهن لمدة معينة ثم يفترق عنهن بلا سابق إنذار. بعد كل معاشرة جنسية مع أي من هذه النسوة, يشعر بألم الندم والحسرة والخجل من نفسه وتصرفاته.
لا يكتفي بذلك, بل عندما يكون بعيدا عن زوجته وعشيقته ولا يستطيع الوصول إلى الجنس الطبيعي بأي شكل, فإنه يمارس العادة السرية سواء في مكتبه أو في حمام الشركة أو في حمام بيت صديقه عندما يكون في دعوة للعشاء. قد يمارس العادة السرية مرتين أو ثلاث يوميا.
يزداد ألمه وشعوره بالحسرة حينما يعاشر عاهرة في ماخور دعارة عندما يسافر أو يبتعد عن زوجته وعشيقته لأي سبب ويشعر بأن ذلك غير لائق بمستواه الاجتماعي وحب الناس واحترامهم له.
مع مرور السنين, يعاني حسام من الكآبة والعزلة وعدم الرغبة في العمل ويتعرض لخسائر مادية فادحة وتبدأ لديه الرغبة في الانتحار.
إضافة لذلك, يتعرض حسام لعاصفة أسرية كادت أن تودي بحياته الزوجية وتعرض أطفاله للضياع حينما اكتشف زوجته (خيانته) لها. ينهار حسام أمامها باكيا وهو يستعرض آلامه التي يعاني منها جراء سلوكه الغير سوي وأنه لا يرغب به وحاول التوقف عنه عدة مرات.
تفهم زوجته ومساندتها له ووعدها بالوقوف لجانبه بشرط أن يخضع للعلاج المتخصص خفف من معاناته لاحقا وخلق فيه نوعا من التوازن وتدريجيا استطاع التغلب على المشكلة مع العلاج والتأهيل.
جذور مشكلة إدمان الجنس:
يعتقد أن جذور المشكلة تكمن في الطفولة وفي طريقة ومحيط التربية الأولى في حياة الإنسان. عادة ما ينشأ من تم تشخيصهم بهذا النوع من الإدمان في محيط مضطرب أو أسرة مفككة أو لم تستطع أن توفر كل الحب الذي يحتاجه هذا الطفل. ينشأ الطفل ويشعر بالعزلة والكآبة وخيبة الأمل من أسرته. هذا يدفع الطفل للبحث عن مصدر للسعادة المؤقتة عن طريق العبث بأعضائه التناسلية.
يعتبر ذلك نوع من الهروب يلجأ له الطفل كلما أحس بالضغوط النفسية مثلا عندما تحصل خلافات بين الأبوين تشعره بفقد الإحساس بالأمن والراحة.
عندما يفقد الطفل الإحساس بالاهتمام من قبل المحيطين به, فقد يبحث عنه بأن يخلق حبا مع ذاته ويتخيل أنه يحب نفسه سواء روحيا أو جسديا أو يبحث عن هذا الحب خارج الأسرة حتى لو كان عن طريق الانترنت أو أي وسلة أخرى. وقد ينغمس في رؤية الصور والأفلام الجنسية التي تمثل الحب والألفة بالنسبة له مما يجعله متعلقا بها وعاشقا لها.
الملابس المبتذلة بشكل مبالغ فيه أمام الطفل أيضا يعتقد أنه عامل مساعد على ظهور مشكلة الإدمان على الجنس. كما أن الكلام بشكل مبالغ فيه عن الجنس أمام الطفل وتبادل النكات عنه وبشكل غير محتشم أو الكلام عن العلاقات الغير سوية أمامه قد يكون كل ذلك من جذور وأسباب ظهور مشكلة الإدمان على الجنس.
قد تبدأ المشكلة لدى الطفل عندما يتعرض لموقف فيه ما يشير للجنس بشكل صريح أو تلميحا من شخص بالغ أو طفل أكبر منه. يشمل ذلك التحرش به أو تعريضه لرؤية الأفلام أو الصور أو أي مادة جنسية. هذا لا يعتبر فقط إساءة للطفل بل قد يعرض حياته الجنسية في البلوغ إلى أمور خطيرة جدا وقد لا يستطيع ممارسة حياته الجنسية بشكل طبيعي أبدا.
إن ممارسة العادة السرية لدى الأطفال أو بكثرة لدى المراهقين قد يكون مؤشرا قويا على وجود مشكلة لديه مثل: عدم الشعور بالأمان, أو القلق, أو وجود مشاكل واضطرابات في جو البيت, أو أنه تعرض للتحرش أو الاعتداء الجنسي....إلخ!.
الطفل الذي ينشأ وقد تعرض لمثل هذه الأمور (الحرمان, التحرش أو الاعتداء الجنسي, التعري أمامه....إلخ) يصبح من الصعب عليه أن يميز بين الطبيعي وغير الطبيعي في الجنس ومن الصعب عليه أن يعرف حدوده في ذلك ومدى أهمية مشاعر الآخرين. يصبح الجنس لديه هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الحب وعن الانتماء والراحة والسعادة.
أسباب إدمان الجنس:
الباحثون في هذا المجال لا يعتقدون بأن إدمان الجنس هو سلوك مناف للأخلاق والذوق بشكل صرف وإنما توجد متغيرات في الدماغ تختلف عن تلك الموجودة لدى الأسوياء.
بالإضافة لجذور إدمان الجنس المذكورة أعلاه, توجد ما يعتقد أنها مسببات مباشرة أو مرتبطة بشدة مع إدمان الجنس.
يعتقد بوجود اضطراب في إفراز مادة الدوبامين (Dopamine) والتي تسمى مادة السعادة في الدماغ أثناء الممارسة الجنسية نفسها وأثناء الرعشة الجنسية لدى المدمنين على الجنس. أي أن دماغ المدمن على الجنس يتعامل بشكل مختلف مع السعادة المرتبطة بالممارسة الجنسية وخاصة الإحساس بالرعشة في نهايتها.
يعتقد أن الدفق الهائل من مادة الدوبامين في أدمغة المدنين جنسيا يعادل مئات المرات ما يحصل في مدمني الهيروين والكوكايين. وهذا الدفق العالي من الدوبامين العالي جدا في أدمغة مدمني الجنس يبدأ حتى بالخيال الجنسي مرورا بالكلام عنه وبدء المباشرة فيه أو عند النهاية.
ولذلك شبه بعض الباحثين من أمثال (Gert Holstege) تعامل دماغ المدمن مع النشوة الجنسية كما يتعامل مع الدفق الذي يرافق استخدام الهيروين تماما.
الإفراز المفرط للدوبامين المسبب للنشوة الجنسية يجعل الدماغ ينتظر إشباع مركز اللذة فيه بشغف كبير مما يجعل معاودة الفعل الجنسي أمرا قسريا ومن الصعب التحكم فيه.
مع مرور الوقت, يحصل متغيرات في الدماغ تؤدي إلى شح في الدوبامين وبالذات في الجهاز الحوفي (Limbic System) وليس ارتفاعا كما هو متوقع في مثل هذه الحالات. هذا يؤدي لحالة من الفقد لشيء ما في حياة المدمن على الجنس فيما يختص بممارسته له. أي أن المدمن يشعر أنه يفتقد لشيء ما (كنوع من الشوق Craving) دون أن يقترن بالنشوة عند فعله, أي أن يصبح وكأنه شيء يتم بشكل (آلي).
يستجيب المدمن على الجنس أكثر من غيره للمغريات الخارجية بكافة أنواعها كنوع من التعلم المشروط المصاحب للجنس, أي أنه يهتاج أكثر من غيره عند وجود مؤثر مغري أيا كان نوعه ولكن هذا لا يعني أن شهوته أكبر عند البدء في الإشباع بالممارسة ولكنه يمارس الجنس كنوع من التخلص من شح الدوبامين في دماغه والذي يسبب نوعا من الكآبة.
يعتقد الباحثون أيضا أن هناك جزء في الفص الجبهي من الدماغ يسمى الفص الحجاجي الجبهي (Orbito-Frontal Cortex) والمختص بالحكم على الأمور ونتائجها يتم التحايل عليه لسبب معين أثناء الطفولة يؤدي لسوء تقدير في الأمور بحيث تتغلب الرغبة على التريث والتقييم للنتائج. هذا يؤدي بالإنسان إلى أن يتصرف دون أن يفكر مليا فيما يقدم عليه عندما يكون مدمنا على الجنس وهو مشابه تماما لما يحدث في الاعتمادية على المواد الكيميائية أي المخدرات.
يوجد ربط بين إدمان الجنس وثلاثة من الاضطرابات النفسية وهي: الشخصية النرجسية (Narcissistic Personality Disorder), الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder) والاضطراب الوجداني ثنائي القطب (Bipolar Affective Disorder ) مما يؤيد وجود اعتلال دماغي أو نفسي على الأقل في إدمان الجنس.
ارتباط آخر لا يقل أهمية في إثبات جذور عضوية كيميائية لهذا النوع من الإدمان وهو ارتباط إدمان الجنس بإدمان المخدرات. في هذه الجزئية, وبصور مختلفة, ارتبط الاثنان في العنصر الكيميائي للمشكلة وأيضا باضطرابات المزاج التي تجمع بينهما بشكل وثيق جدا في المسببات والنتائج.
بشكل نفس ديناميكي, يفسر إدمان الجنس على أساس ما ذكرناه أعلاه في جذور المشكلة منذ الطفولة والمشاكل في التربية أو التعرض للصدمة بأي شكل مثل الاغتصاب. ويميل بعض المختصين في هذا المجال إلى تفسير هذه المشكلة على أنه إدمان على الحب أكثر منه إدمان على شكل من أشكال التعبير عنه وهو الجنس.
إحصائيات ومؤشرات تدل على وجود اضطراب نفسي:
- 83 % من المدمنين على الجنس تعرضوا لاعتداء جنسي في وقت ما من حياتهم كأطفال أو في سن المراهقة أو بعد البلوغ وبأشكال ودرجات مختلفة.
- 98 % منهم أشاروا إلى أن سلوكهم الجنسي أدى إلى فقد ثقتهم بأنفسهم وأنهم ينظرون لأنفسهم نظرة دونية.
- 92 % منهم يشعرون باليأس من حالتهم ومن الشفاء من إدمان الجنس.
- حوالي 20 % منهم شاذون جنسيا.
- حوالي 30 % منهم يتأرجحون بين الممارسة الجنسية الشاذة والسوية.
- 97 % منهم يشعرون بالذنب واحتقار الذات بشكل دائم أو على الأقل بعد كل ممارسة جنسية.
- حوالي 45 % يعاقرون الخمور أو يتعاطون نوعا من المخدرات.
- 91 % منهم يقرون بأنهم يمارسون ما يتعارض مع أخلاقياتهم التي يؤمنون بها.
- تقريبا 99 % منهم يرغبون في التوقف عن سلوكهم الجنسي الغير سوي وتعديل مسار حياتهم الجنسية.
- 82 % منهم مصابون بالاكتئاب مع تفكير جاد في الانتحار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق