16 أكتوبر 2014

الذكاء الوجداني // بقلم وهيبة سكر// منقول

ربما
لم يجد جولمان تعريفاً لغوياً أو اصطلاحياً محدداً وموجزاً للذكاء
الوجداني في هذه المرحلة، لذلك تحدث عن أبعاد خمسة لذلك النوع من الذكاء
نوردها بإيجاز فيما يلي: 

1- الوعي بالذات (Self – awareness):


الوعي
بالذات هو أساس الثقة بالنفس وحسن إدارتها، فنحن في حاجة دائماً لمعرفة
مواطن القوة ومواطن الضعف لدينا بشكل موضوعي، ونتخذ من هذه المعرفة أساساً
لقدراتنا. كما أننا بحاجة لأن نتعلم منذ الصغر التعرف على مشاعرنا
وتسميتها التسمية الصحيحة فلا نخلط بين القلق والاكتئاب 

والغضب والشعور
بالوحدة والشعور بالجوع.. الخ. فهذا الوعي الموضوعي بالذات يجعلنا أكثر
كفاءة في إدارتها ويجعل قراراتنا أقرب للصواب.

2- التعاطي مع الجوانب الوجدانية بشكل عام :(Handling emotions generally )


نحن
نحتاج أن نعرف كيف نعالج ونتناول المشاعر التي تؤذينا وتزعجنا وتلك التي
تسعدنا. وهذا المران المستمر في المعرفة والمعالجة والتناول يزيدنا خبرة
يوماً بعد يوم في إدارة جهازنا الوجداني لنستفيد من مميزاته الهائلة
ونتجنب مخاطره الضارة.

3- الدافعية (Motivation):

إن وجود دوافع
قوية تحثنا على التقدم والسعي نحو أهدافنا هو العنصر الثالث للذكاء
الوجداني. ويعتبر الأمل مكون أساسي في الدافعية، أن يكون لدينا هدف وأن
نعرف خطواتنا خطوة خطوة نحو تحقيقه، أن يكون لدينا الحماس والمثابرة
لاستمرار السعي.

4- التعاطف العقلي(التفهم)..(Empathy):


التعاطف
العقلي(التفهم)هو المكون الرابع في الذكاء الوجداني ويعني: قراءة مشاعر
الآخرين من صوتهم أو تعبيرات وجههم وليس بالضرورة مما يقولون. إن معرفة
مشاعر الغير قدرة إنسانية أساسية نراها حتى لدى الأطفال. يقول جولمان أن
الطفل في الثالثة من عمره والذي يعيش في أسرة 

محبة يسعى لتهدئة غيره من
الأطفال أو التعاطف معهم إذا بكوا، على حين أن الأطفال الذين يسئ آباؤهم
معاملتهم أو يهملونهم فإنهم يصرخون في وجه الطفل الذي يبكي وأحياناً
يضربونه.

ويؤكد جولمان أن الذكاء الوجداني متعلم، وأن التعلم يبدأ منذ السنوات الأولى في الحياة ويستمر.

ويذكر
جولمان حالة قاتل ارتكب سبعة جرائم قتل وفي إحدى المقابلات الإكلينيكية
أجاب على السؤال: هل كنت تشعر بأي شفقة نحو الضحايا؟ أجاب: لا أبداً، ولو
كنت شعرت بشفقة لما استطعت فعل ما فعلت. ونستخلص من ذلك أن التعاطف هو
الذي يكبح قسوة الإنسان، وهو يحافظ على تحضر الإنسان وأن الذكاء الوجداني
لا يرتبط بنسبة الذكاء العقلي المعروفة.

5- المهارات الاجتماعية(Social Skills):


كلما
كان الإنسان مزوداً بمهارات اجتماعية مناسبة وكافية كلما كانت قدرته على
التعامل مع المواقف والأزمات أفضل. أما أولئك الذين يفتقرون للمهارات
الاجتماعية فإنهم يتخبطون ويعانون من اضطرابات سوء التوافق.

أهمية الذكاء الوجداني: 



1-
يلعب الذكاء الوجداني دوراً هاماً في توافق الطفل مع والديه وإخوته
وأقرانه وبيئته بحيث ينمو سوياً ومنسجماً مع الحياة، كما أنه يؤدي إلى
تحسين ورفع كفاءة التحصيل الدراسي.

2- يساعد الذكاء الوجداني على تجاوز أزمة المراهقة وسائر الأزمات بعد ذلك مثل أزمة منتصف العمر بسلام.
3-
يعتبر الذكاء الوجداني عاملاً مهماً في استقرار الحياة الزوجية فالتعبير
الجيد عن المشاعر وتفهم مشاعر الطرف الآخر ورعايتها بشكل ناضج، كل ذلك
يضمن توافقاً زواجياً رائعاً .

4- والذكاء الوجداني وراء النجاح في
العمل والحياة، فالأكثر ذكاءاً وجدانياً محبوبون ومثابرون وتوكيديون،
ومتألقون وقادرون على التواصل والقيادة ومصرون على النجاح.

ونظراً
لتلك الأهمية البالغة للذكاء الوجداني، فقد أوصى علماء النفس بتنميته من
خلال دروس تعليمية ودورات تدريبية وورش عمل بهدف الوصول إلى درجات عالية
من الذكاء الوجداني، وهو ما نطلق عليه النضج الوجداني، وسوف نتحدث عنه
الآن بشيء من التفصيل نظراً لأهميته.

المقاييس المختلفة للعمر :


حين
نسأل شخصاً ما: ما عمرك؟ يجيبنا على الفور: خمسون سنة(مثلاً). هذه الإجابة
قاصرة جداً لأنه هنا ذكر عمره الزمني فقط، وهذا العمر الزمني لا يفيدنا
كثيراً في معرفة أبعاد شخصية من سألناه لأن هناك مقاييس وأبعاد أخرى للعمر
(أحياناً تكون منسجمة مع العمر الزمني وأحياناً أخرى لا تنسجم)، نذكرها
فيما يلي:

1- العمر الزمني(Choronological age):


هو عدد السنوات التي عاشها الإنسان في الحياة .

2- العمر العقلي ( Intellectual age ):



وهو يشير إلى ما إذا كان ذكاء هذا الشخص أقل أو أكثر أو مساوي لعمره الزمني (أي الذكاء بالنسبة للعمر الزمني).
3- العمر الاجتماعي(Social age): 
وهو
يقارن النمو الاجتماعي للشخص بعمره الزمني، بمعنى: "هل هذا الشخص يتعامل
مع الناس اجتماعياً كما يتوقع لمن هم في مثل عمره الزمني؟"

4- العمر الوجداني(Emotional age):



وهو يقارن النضج الوجداني للشخص بعمره العقلي، بمعنى: "هل هذا الشخص يتعامل مع مشاعره كما يفعل من هم في مثل عمره الزمني؟"

وهذه
الأنواع المختلفة من الأعمار لا تسير متوازية ومتساوية في أغلب الأحوال،
فنجد بعضها يسبق الآخر، وكلما كانت المسافة كبيرة بينها كلما أدى ذلك إلى
اضطراب التوافق فنجد مثلاً رجلاً قد بلغ الستين من العمر ولكن علاقاته
الاجتماعية تشبه إلى حد كبير علاقات المراهقين، كما أن نضجه الوجداني لا
يتعدى نضج الأطفال.

ونحن ليست لنا سيطرة أو تحكم في عمرنا الزمني،
وبالكاد لنا سيطرة ضعيفة على عمرنا العقلي، أما عمرنا الاجتماعي وعمرنا
الوجداني فيمكننا تنميتهما وتحسينهما بدرجة كبيرة وصولاً إلى النضج
الاجتماعي والنضج الوجداني.
// بقلم وهيبة سكر //


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق